ويمتلئ التراث المغربي بالعديد من الألعاب الرياضية الشعبية المتنوعة التي تعكس عمق الثقافة المغربية وحضارة المجتمع الغنية. وبالإضافة إلى رياضة الفروسية الشهيرة، والتي تتنافس في اقتنائها وإتقانها جميع القبائل المغربية، فقد انتشرت بين القبائل ألعاب أخرى ذات أسماء وصيغ مختلفة، وإذا ما تجلى الدور المباشر لهذه الألعاب في المتعة والترفيه والإبداع، فمن خلالهم العديد من الأشياء الجيدة والصفات النبيلة مثل ضبط النفس والشجاعة والإصرار والشجاعة وتنمية القدرات العقلية.
ورغم أن الألعاب الشعبية التي عرفها المغرب منذ التاريخ القديم لم تحظى بالاهتمام الكافي في المصادر التاريخية، إلا أن المؤلفين الأجانب كانوا أول من قام بجمعها وتسجيلها. وجاء ذلك في إطار سياسة ثقافية استعمارية تهدف إلى دراسة عقلية المغاربة وعاداتهم وتقاليدهم، ليسهل على المستعمر السيطرة على الشعب والتغلغل في المجتمع. بدورهم، استخدم المغاربة هذه الألعاب بذكاء خلال فترة الاستعمار كوسيلة لمواجهة المستعمر والرد على أطروحاته.
نحاول من خلال هذه المساهمة التعمق في التراث الشعبي المغربي، واكتشاف أحد مجالات غناه الثقافي والرياضي، والإجابة على الأسئلة التالية: كيف استغل المستعمر هذه الألعاب لمصالحه الاستعمارية؟ وكيف أصبحت هذه الألعاب أسلحة ثقافية فعالة بيد المغاربة لمقاومة المخططات الاستعمارية وتدميرها؟
وارتكزت الرياضة والألعاب الشعبية في المغرب على التعبير عن الهوية الثقافية والروح الوطنية للأمة، مع محاربة الاستعمار والعنصرية والتخلف. ولذلك فإن هذه الألعاب يجب أن تستمر دائما بغض النظر عن أي تعصب وطني أو إقليمي، وأن تستثمر في خدمة الأهداف والغايات النبيلة التي يجسدها تحرير العقول وإصلاح الأجساد واكتساب الفضائل الأخلاقية. هذه شروط ضرورية وأساسية يجب أن تتوفر في كل رياضي حتى لا تفقده نشوة النصر أو صدمة الهزيمة توازنه وإنسانيته.
كما يجب الاهتمام بتنمية الألعاب التقليدية والشعبية كونها بيئة تعليمية غنية ومؤثرة وتشكل عنصراً فعالاً في تشكيل شخصية الأطفال وتحقيق توازنهم الفكري والاجتماعي والأخلاقي والنفسي والجسدي. ويتحقق ذلك من خلال إحياء هذا النوع من اللعب والحفاظ عليه وتحسين مكوناته، مع تطوير أدواته وأساليب ممارسته وتصميمه وتنظيمه، والاعتراف بقيمته التربوية، وإدخاله كعنصر أساسي في برامج التعليم النظامي في المؤسسات التعليمية، وإدماجه في مشاريع ثقافية كبيرة للحفاظ على التراث الثقافي الذي يعبر عن حضارة المجتمع المغربي بشكل خاص وحضارة المجتمع العربي والإسلامي بشكل عام.